غزوة الخندق
تسمى بغزوة الاحزاب وكانت فى شوال سنة خمس
سببها ...... نفرا من زعماء يهود بنى النضير قدموا مكة ودعوا قريشا الى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا لهم إن ما انتم عليه خير من دين محمد صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى قوله }
ألم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين ءامنوا سبيلا اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا {
ثم خرج اولئك النفر من اليهود حتى جاءوا غطفان فدعوهم الى مثل ما دعوا قريشا اليه ثم التقوا بنى فزارة وبنى مرة وتواعدوا جميعا فى الزمان والمكان لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
** تهيؤ المسلمين للحرب ....... لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر اخبر الناس وشاورهم فى الامر فأشار عليه سلمان الفارسى بحفر الخندق وكانت وسيلة من وسائل الحرب التى لم تعهدها العرب فخرجوا من المدينة وعسكر بهم رسول الله فى سفح جبل سلع فجعلوه خلفهم وهبوا يحفروا الخندق وكان المسلمون يومئذ ثلاثة ألاف والكفار عشرة ألاف
** مشاهد من عمل المسلمين فى حفر الخندق ........روى البخارى عن البراء رضى الله عنه انه قال ( لما كان يوم الاحزاب رأيته صلى الله عليه وسلم وهو ينقل تراب الخندق حتى وارى عنه التراب جلدة بطنه )
وروى عن انس رضى الله عنه ان الانصار والمهاجرين كانوا ينشدون وهم ينقلون التراب
نحن الذين بايعوا محمدا على الاسلام ما بقينا ابدا فيجيبهم عليه الصلاة والسلام
اللهم لا خير الا خير الاخرة فبارك فى الانصار والمهاجرة ويروى عن جابر رضى الله عنه انهم يوم الخندق كانوا يربطون على بطونهم حجر حيث لبثوا ثلاثة ايام دون طعام فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب الى بيته ليرى إن كان فيه طعام فقالت له إمرأته : عندى شعير وعناق ( انثى الماعز ) فذبحتها وطحنت الشعير فذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه الى الطعام هو ورجل او رجلان من الصحابة فسأله النبى عن الطعام فأخبره جابر فقال عليه الصلاة والسلام : لا تنزع القدر ولا تخرج الخبز من التنور حتى أتى . ثم قام عليه الصلاة والسلام الى المهاجرين والانصار وقال لهم ان جابرا صنع لهم طعاما فقاموا اليه .
ودخل جابر على زوجته وقال لها ان النبى صلى الله عليه وسلم جاء ومعه المهاجرين والانصار فسألته هل قال للرسول على الطعام ومقداره فقال : فقالت : الله ورسوله أعلم
ثم جاء النبى عليه الصلاة والسلام وجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويغطى القدر بعد ان يأخذ منه ووزع الطعام على أصحابه حتى شبعوا وبقى بقيه فقال لأمرأت جابر : كلى هذا واهدى فإن الناس اصابتهم مجاعة . يقول جابر أقسم بالله لقد أكلوا حتى انصرفوا وإن قدرنا لتغط كما هى وإن عجيننا ليخبز كما هو
** موقف المنافقين من العمل فى الخندق ....... كانوا يؤخرون الرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمين عن عملهم فى الخندق وكانوا يتسللون الى اهلهم بغير علم رسول الله صلى الله عليه وسلم
** نقض بنى قريظة للعهد ....... خرج حى بن اخطب حتى اتى كعب بن أسد القرظى فأغراه بنقض العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل عليه حتى أقنعه بالخيانة ونقض العهد وانتهى الخبر الى الرسول صلى الله عليه وسلم فأرسل سعد بن معاذ ليتحقق من الخبر وأوصاه ان يلحن له بإشارة يفهمها إذا كان الخبر حقا وإن كان كذبا فليجهر به فى الناس فلما استطلع سعد الخبر عاد للرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : (عضل وقارة ) اى غدر كغدر عضل وقارة فقال عليه الصلاة والسلام : الله اكبر أبشروا يا معشر المسلمين
** حال المسلمين إذ ذاك .........بلغ المسلمين خبر نقض بنى قريظة للعهد وراح المنافقون يرجفون فى المدينة حتى ان احدهم ليقول ( كان محمد يعدنا ان نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه ان يذهب الى الغائط ) فلما وجد عليه الصلاة والسلام اشتداد البلاء بعث الى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فاستشارهما ان يصالح قبيلة غطفان على ثلث ثمار المدينة لكى ينصرفوا عن قتال المسلمين فقال له سعد بن معاذ : والله ما لنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم الا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم فتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
اما المشركون فقد فوجئوا بالخندق فعسكروا حوله يحاصرون المسلمين ولم يحدث قتال . الا موضع ثغرة اقتحموه منها فردهم المسلمون وقتل بعضهم وكان ممن قتلوا عمرو بن ود قتله على رضى الله عنه
** هزيمة المشركين بدون قتال ....... تمت بوسيلتين لا دخل للمسلمين فيها
(
الوسيلة الاولى ) ___ اسلم رجل من المشركين < نعيم بن مسعود > وأتى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه تنفيذ أوامره فقال عليه الصلاة والسلام ( خذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة ) فأتى نعيم بن قريظة وهم يحسبونه لا يزال مشركا واقنعهم ان لا يتورطوا مع قريش فى قتال حتى يأخذوا منهم رهائن كى لا يولوا الادبار ويتركوهم امام محمد واصحابه وذهب الى قريشأ فأنبأهم ا نبنى قريظة قد ندموا على ما صنعوا وانهم اتفقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يخطفوا عددا من اشراف قريش فيسلموهم له ليقتلهم . وهكذا تألب بعضهم على بعض واصبح كل فريق منهم يتهم الفريق الاخر بالغدر والخيانه
(
الوسيلة الثانية ) ____ ريح هوجاء فى ليله مظلمة باردة جاءت فقلبت قدورهم واقتلعت خيامهم وذلك بعد بضعه عشر يوما من المحاصرة للمسلمين وفى صباح اليوم الثانى كان المشركون كلهم قد ولوا الادبار وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الى المدينة
** من دعائه صلى الله عليه وسلم (
اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الاحزاب اللهم أهزمهم وزلزلهم )
*** العبر والعظات المستفادة من غزوة الخندق *** 1- الشريعة الاسلامية بمقدار ما تكره للمسلمين اتباع غيرهم وتقليدهم تحب لهم ان يجمعوا لانفسهم اطراف الخير والمبادئ المفيده اينما وجدت ونلاحظ هذا فى حفر الخندق والذى كان متعارفا عليه بين الاعاجم فقط وسمح بإستخدامه لما فيه مصلحة المسلمين
2- حقيقة المساواة والعدل التى يرسيها المجتمع الاسلامى بين جميع افراده والتى تجلت فى مشهد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة رضى الله عنهم فى حفر الخندق ومصدر هذه العداله والمساواة العبودية لله تعالى
3- تتجلى شخصيته النبوية عليه الصلاة والسلام فى مكابدته للجوع الشديد اثناء عمله مع اصحابه والتى تدل على نبوته وان صبره ابعد ما يكون طمع فى جاه او ملك . وتتجلى محبته الشديده لأصحابه والشفقه عليهم فى عدم تركه لهم والذهاب الى بيت جابر ليأكل بل أخذ اصحابه جميعا . ونجد مثال اخر للخوارق والمعجزات التى اكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ما حدث مع جابر وإكثاره الطعام حتى استوعب الجيش كله
4- اراد النبى صلى الله عليه وسلم ان يطمئن على مدى ما يتمتع به اصحابه الصادقون من القوة المعنوية والاعتماد على نصر الله وتوفيقه لذا استشارهم ان يعطى ثلث ثمار المدينة الى غطفان ليصالحهم وكان هذا من ابرز أساليبه التربوية لاصحابه وكذلك يرسخ مبدأ الشورى فى كل ما لا نص فيه
5- نجد ان الوسيلة التى التجأ اليها رسول الله عليه الصلاة والسلام واصحابه فى غزوة بدر هى نفسها التى التجأ اليها فى غزوة الخندق وهى التضرع الى الله تعالى والإكثار من الدعاء والاستغاثة به تعالى وهى الوسيلة التى تعلو فى تأثيرها على كل الأسباب والوسائل المادية الأخرى والتى كانت من أثارها ارسال الله سبحانه لتلك الريح العاتية
6- فاتت النبى صلى الله عليه وسلم صلاة العصر لشدة انشغاله حتى صلاها قضاء بعد ما غربت الشمس وهذا يدل على مشروعية قضاء الفائتة